مازال هناك مشهد واحد يطارد خيال جماهير فريق مانشستر يونايتد الإنجليزي لكرة القدم قبل مباراته أمام ضيفه الإيطالي إنتر ميلان ضمن منافسات بطولة دوري أبطال أوروبا غدا الأربعاء ، هذا المشهد للمدرب البرتغالي جوزيه مورينيو ينطلق عبر الخط الجانبي لملعب "أولد ترافورد" ومعطفه يطير من ورائه فاتحا ذراعيه ليقذف نفسه بين لاعبي فريقه الذين يحتفلون عند الراية.
وسبق لجماهير مانشستر يونايتد أن رأت هذا المشهد بالفعل في دور ال16 نفسه لدوري الأبطال عام 2004 عندما قاد مورينيو ، مدرب بورتو البرتغالي آنذاك ، فريقه للتأهل إلى دور الثمانية على حساب مانشستر بنتيجة 3/2 في مجموع مباراتي الذهاب والعودة ليبدأ أول تعارف حقيقي بين مورينيو والكرة الإنجليزية.
كان المدرب البرتغالي بالنسبة للجماهير الإنجليزية مندفع ولا يمكن التنبؤ بأفعاله وناجح وكما أطلق هو على نفسه بعدها وبمنتهى الوضوح "شخص متميز".
وقبل أسبوعين فقط ، تفوق مانشستر يونايتد على مضيفه إنتر ميلان ومدربه مورينيو في ذهاب دور ال16 من دوري الأبطال على ملعب "سان سيرو" بميلانو لدرجة أن الفريق الإنجليزي خرج من المباراة محبطا إلى حد ما لأنه لم يتمكن من تحقيق أفضل من التعادل السلبي.
وكل الترشيحات المنطقية تتوقع حاليا فوز مريح لمانشستر يونايتد على إنتر في مباراة العودة غدا ، ولكن ذلك الشك المريب لا يلبث أن يذهب حتى يعود من جديد فالكل الآن يعرف أنه إذا كان هناك أي شخص قادر على بث الروح والحماس في فريق كان بكل المقاييس هو الفريق الثاني من حيث الأداء قبل أسبوعين فقط فهذا الشخص هو مورينيو.
فبرغم كل شيء مازال سجل نتائج مورينيو أمام مانشستر يونايتد بقيادة مديره الفني سير أليكس فيرجسون مذهلا ، ففي إجمالي 13 مواجهة مباشرة بين مانشستر وفرق بقيادة مورينيو خسر المدرب البرتغالي مرة واحدة فقط.
وحتى في مباراة الذهاب التي جرت في ميلانو قبل أسبوعين ، برزت بعض الأدلة على قوة التغيير الذي يستطيع مورينيو إحداثه.
فقد ظل مانشستر يونايتد فارضا سيطرته التامة تقريبا طوال الشوط الأول من هذه المباراة ليتمكن من خلق ثلاث أو أربع فرص كبيرة للتسجيل. كما استحوذ مانشستر يونايتد على الكرة بسهولة كبيرة لم تكن متوقعة.
ونجح الكوري الجنوبي بارك جي-سونج في منع مايكون الظهير الأيمن لإنتر من التقدم ، ليحرم إنتر من مورده الرئيسي لشن الهجمات من العمق.
وعلى الطرف الآخر من الملعب ، كان باتريس إفرا الظهير الأيسر لمانشستر يتقدم إلى منتصف الملعب وقتما شاء ، مانحا مانشستر لاعبا إضافيا في منطقة الوسط مما يفسر سهولة نقل مانشستر للكرة في جميع أطراف الملعب.
ولكن فيما بين شوطي المباراة ، أجرى مورينيو تغييرين حاسمين. أولا: سحب مورينيو المدافع نيلسون ريفاس من الملعب ودفع بالمخضرم إيفان كوردوبا مكانه ليعزز خط دفاع إنتر مما سمح للاعب الوسط إستيبان كامبياسو باللعب في مركز أكثر تقدما بالملعب.
وثانيا: شجع مورينيو لاعب الوسط خافيير زانيتي ، الذي يلعب على الجانب الأيمن وفقا لطريقة
لعب 4/3/1/2 التي يطبقها مورينيو ، بتوسيع تحركاته وهو الأمر الذي سهله تقدم كامبياسو في البداية مما حد من انطلاقات إفرا إلى الأمام.
وبرغم أن إنتر لم يتحول إلى الفريق الأفضل في هذه المباراة ، فإنه على الأقل جعل المباراة أكثر توازنا ووضع حدا لاستحواذ مانشستر المطلق على الكرة.
وربما يكون خوف فيرجسون من ضربة تكتيكية ناجحة من مورينيو في مباراة العودة هو ما دفع المدرب الاسكتلندي للإعلان عن تكهناته بأن إنتر سيلعب بطريقة دفاعية بملعب "أولد ترافورد".
وقال فيرجسون "أؤكد لكم أنه في أولد ترافورد سيلعب إنتر من أجل الوصول لضربات الجزاء .. دائما ما تجد لديهم هذه العقلية الإيطالية. حتى مع وجود أرجنتينيين ولاعبين أجانب آخرين بالفريق. ستظل هذه الفكرة لديهم دائما".
وأضاف فيرجسون "سيحاولون خنق المباراة بتقديم 120 دقيقة خالية من الأهداف .. ولكنني لست قلقا من أي شيء. فقد أثبت لاعبو مانشستر أنهم يتمتعون بالقدرات اللازمة عندما يصل الأمر إلى ضربات الجزاء. وآمل أن يستمر الحال هكذا".
وسيكون وصول المباراة إلى ضربات الجزاء بمثابة انتصار بالفعل بالنسبة لمورينيو ، بالنظر إلى تفوق مستوى أداء مانشستر يونايتد خلال مباراة الذهاب.
ولكن فيرجسون كان يسعى لتحقيق هدف آخر من وراء تعليقاته هذه بكل تأكيد بما أن المدرب المخضرم من أكبر المؤمنين بقوة "الألعاب العقلية" وتأثيرها.
ولكن هل كان فيرجسون يسعى من وراء هذه التصريحات لدفع إنتر للهجوم ، أو حتى للدفاع؟ أم أنه يزرع بذرة شك وحسب ليجعل مورينيو نفسه يتساءل حول خطة مانشستر للمباراة.
وهذا تحديدا هو الوجه الآخر المثير للعبة: فمورينيو وفيرجسون يتنافسان سويا في لعبة الإعلام ، ويشعلون حربا نفسية بحماس أكثر من أي مدرب آخر سبق له التدريب على الإطلاق في الدوري الإنجليزي.
ووصل الأمر إلى حد أن مورينيو صرح في مطلع هذا الأسبوع بأنه يود لو يشغل مركز فيرجسون.
وبرغم أن فيرجسون لم يلمح بأي إشارات إلى إمكانية تنحيه عن منصبه قريبا ، فإن مجرد بلوغه 67 عاما يجبر مانشستر على التفكير على الأقل في خليفة له عندما يترك العمل.
وسيكون الفوز على مانشستر في عقر داره غدا ، هو أفضل طلب لشغل وظيفة يمكن أن يقدمه مورينيو.
وبعدها يستطيع المدرب البرتغالي أن ينطلق بجانب خط الملعب فرحا بالفوز قدر ما يشاء.
السبت مايو 16, 2009 3:50 pm من طرف د. محمد السيد
